اخر الأخبار

التطبيع المغربي لما ؟ ... وتداعياته على الجزائر

 

التطبيع المغربي


التطبيع المغربي لما ؟ ... وتداعياته على الجزائر ... بقلم معاذ جدّي 

القضية الفلسطينية ... حكاية غدر الإخوة .

      لوقت ليس بالبعيد كانت القضية الفلسطينية خطّا أحمر و معيارا للعروبة و مقدار التحام المسلمين حتى نبشت في جذر الأمة صهاينة خلفهم أمريكا فانتبهت لضعف لبناتنا و أنّ حُكّامنا ليسوا سوى بيادقا حجمها لا يتجاوز طاولة الشطرنج و عندهم ينتهي ذكر العرب عند الوقوف عن طاولة المؤامرات و كيف يسيّرون ثرواتنا و الحيلة للتغلغل  بيننا حتّى انتبهوا إلى أنّ الميزة التي يجتمع حولها هؤلاء من نسميهم مجازا ( حكامنا ) عبدة للمناصب و السلطة ففهموا عقدة الحبل ومربط رقابهم إلى أي وتد يُربط فساوموهم فرادى على فضائحهم و خيانة شعوبهم فما كان لهؤلاء إلا الترنّح خلفهم ببطون أثقلتها أموال خزائن الفقراء ، القضية لم تنتهي لأنّ حكاية الإهانة بدأت من جديد .

    إله إسمه لا شيء فوق المصلحة سار بالإمارات نحو الإنبطاح داخل حضن إسرائيل وداخلُ البحرين تُلهبه الشيعة فاختارت عباءة نتنياهو لتنجو !! و أموال دبي تُغرق عسكر السودان وتُسيل لعابهم فلفّت جيّدا حبل المذلّة حول عنقه فضمّته عنوة لإسطبل الخيانة و تلحق بالعرس الرباط ونحن على يقين أنّ الزّفة لم تكتمل حتى تُطأطأ باقي الرؤوس و إن كانت فعلا قد طؤطئت ... وللّه بعد هذا درّك يا فلسطين .

لماذا المغرب ؟ 

     مناوشات الكركرات ، اعتراف المحكمة الأوروبية ولو في غير موضوع الدّعوى ، نزاع مستمر بين الصحراويين و المغرب حول أحقية الصحراء الغربية في استفتاء تقرير المصير ، إتقاقية الصيد البحري بين المغرب و الإتحاد الأوروبي  ... إلخ وغيرها من الأسباب كثيرة فتحت مخاوف الرباط على باب الإحتمالات فكان الرّد ما يحدث الآن ... وسط تأييد من المجتمع الدّولي الغربي بأحقية الصحراء الغربية بتفعيل قرار هيئة الأمم المتحدة الرامي لتقرير المصير على خلاف ما اجمع عليه تقريبا العرب ولعلم الرباط أنّ التأييد العربي لا يُعدّ شيئا أمام تعدد الجبهات الغربية المؤيدة لحق الصحراويين في العيش خارج مظلة المغرب فقد زاد تخوّف هذا الأخير من فقدانه للفوسفات و الموانئ الإستراتيجية و الغاز ...... إذا ما الحل ؟ الحل هو البحث عن حضن دولة لها القدرة على التأثير الإيجابي على قرارات هيئة الأمم المتحدة و مجلس الأمن و لن تجد المغرب أفضل من أمريكا و رئيس لا يُعطي وزنا للدول الضعيفة و حتى القوية ، كان الأمر ، تمت مقايضة الصحراء الغربية بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، أقرّ ترامب بأحقية المغرب بسيادته على الأقاليم الغربية ( رغم أنّ هذا القرار لن يجد صدى في حكومة بايدن الجديدة ....إلا ...؟  )  وهو نفس الشيء الذي استعملته أمريكا و إسرائيل ضدها بمعنى استعملت مصلحتها ضدّها أي التطبيع مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية 

الجزائر – المغرب و تداعيات التطبيع المغربي – الصهيوني على الجزائر 

     منذ ما يربو عن 30 سنة و الحدود البريّة مغلقة بين الجزائر و المغرب بأمر من ليامين زروال رئيس الجمهورية آنذاك ، خلال هذه المدة زاد توتر العلاقات بسبب قضية الصحراء الغربية بالإضافة إلى تبادل الإتهامات ومحاولة الجبهتين حشد الرأي العام الخارجي لصفّها سواءا الإقليمي أو العالمي ، رغم امتداد التوتر إلى ما قبل 1962 عند مطالبة الرباط أثناء ترسيم الحدود بضم منطقتي تندوف و بشار .

استمر التوتر إلى غاية اللحظة أين نشب نزاع مسلّح بين المغرب و جبهة الساقية الحمراء خرقا لقرار وقف إطلاق النار المؤرّخ سنة 1991 ، وسط دعوة بعض الأطراف إلى تسريع وتيرة قرار هيئة الأمم المتحدّة و إيجاد أرضية اتفاق بين الأطراف المتنازعة – يُذكر أنّ المغرب صرّح بإمكانية منح الإقليم حكم ذاتي تحت السيادة المغربية إلا انّ الجبهة رفضت المقترح – تعالي الأصوات الغربية بضرورة تفعيل القرار ادّى إلى تسريع المغرب لوتيرة البحث عن مظلة فكانت الخيانات العربية المتتالية للقضية الفلسطينية هي الملهم للرباط وكانت المقايضة ، مقايضة الصحراء الغربية بخيانة التطبيع ... الأمر على رُمّته لا يعدو اتفاقا سياسيا هدفه توفير الحماية الدولية التي ستُسهب إسرائيل في منحها للمغرب نظرا لنفوذ اللوبيات الصهيونية على مستوى الكتل السياسية و الإقتصاد العالمي .
ومن جهة أخرى و هو الأهم ، محاولة تقزيم الدور الجزائري و الإتّحاد الإفريقي بافتكاك الإعترافات المتتالية بسيادة المغرب على الإقليم و إنشاء سفارات و قنصليات عليه ممّا من شأنه أن يجعل الموقف الجزائري معزولا و نظامه محل اتهام بدعم الجماعات الإرهابية  و قد بدأ ينجح في ذلك نتيجته سياساته اتجاه الدول الإفريقية ، يُذكر انّ من بين هذه الدول زامبيا ، إسواتيني ( سوازيلاند سابقا ) ، غامبيا ، غينيا ، الغابون ، بوركينافاسو ، كوت ديفوار  ... إلخ ومن الدول العربية البحرين و الإمارات وهما الدولتين اللتين سبقتا المغرب في خيانة التطبيع ، كما و أنّ العلاقات الجزائرية – الإماراتية متوتّرة بعد تصريح الرئيس عبد المجيد تبّون ووصف قرارات التطبيع بالهرولة ، المصطلح  الذي أغضب بن زايد ودفعه إلى ضرب التوجّه الجزائري و إقرار سيادة المغرب على الإقليم الصحراوي عن طريق البعثات الدبلوماسية وكأن الأمر على إجماله " نكاية " في الجانب الجزائري .
التواجد الإسرائيلي على الحدود الجزائرية بعد تطبيع المغرب مع تغلغل الإمارات ماليا و عسكريا في بعض دول الجوار كليبيا و إنشاء قواعد عسكرية في النيجر و موريتانيا و حين نقول الإمارات فنحن ننظر إلى الجانب الإسرائيلي لما بين الجانبين من علاقات قديمة و إن طفت للسطح مؤخّرا ، ما يعني فعليا محاصرة الجزائر و قد يتعدّاه إلى محاولة إذكاء النزاعات الداخلية – هذا الأمر لا نقاش فيه - خاصة وسط عدم رضى المواطن الجزائري على كيفية تسيير الحكومة للشأن الداخلي والتي أبانت عن محدودية كبيرة خاصة في تسيير ملف أزمة الوباء ممّا سيؤجج الصراع أكثر، الأمر الذي سيجعل تعدد الجبهات – خارجيا و داخليا - يزيد من  تسريع وتيرة إضعاف الجبهة الجزائرية ( و إن كان بالفعل ضعيفا نتيجة عدم وجود استقرار سياسي منذ ما يزيد عن سبع سنوات ) ، زعزعة استقرار الجزائر في نظري يعتبر هدفا ثانويا لنظام المخزن ذلك انّ المغرب يسعى إلى خلق إمبراطورية إفريقية يكون هو على رأسها بمعنى إحكام القبضة على الدول الإفريقية لتسيير قضايا المنطقة بسلاسة ، الأمر الذي تجاهلته الجزائر أو على الأرجح أهملته نتيجة تخبّطها وسط مشاكلها الداخلية و التي إلى حد اساعة لم تجد لها حلاّ خاصة و أنّ اقتصاد الدولة يزداد تآكلا موازاة مع زيادة التضخم ممّا أجّج سخط المواطن ورفع صوته للمطالبة بتحسين ظروفه المعيشية  .

الحل لوقف المد المغربي و تثبيط تأثيره        

     لا مجال لمقارنة الجزائر بالمغرب فتفوّق الجزائر مساحة و ثروات يفوق المغرب بمراحل فقط لو تنتبه السلطة في الجزائر إلى أنّ الحل هو لملمة الصّف الداخلي و ترتيب البيت من أجل الإستقرار السياسي سريعا للإلتفات إلى الخارج و إعادة فرض الوجود الدبلوماسي الجزائري كطرف فاعل في القرارات الإقليمية على الأقل خاصة أنّ الجزائر تملك إلى صفّها إثنان من أقوى الدول روسيا و الصّين ومؤخّرا هناك تقارب لا بأس به مع أنقرة و إن كان هذا التوافق على إجماله مبني على المصلحة إلا أنّ الطرف الجزائري لو أحسن استغلاله سيكون دفعا للدبلوماسية الجزائرية و حليفا قويا لتغيير سياسات المنطقة و فرض التوجّه الجزائري في القضية الإقليمية ، إذا الحل كما قلنا يكمن في 

- حلحلة الأزمة السياسية الداخلية و المرور إلى انتخابات شرعية تُنجب رئيسا توافقيا و هذا لن يكون إلا إذا تم الطلاق بين المصالح الضيّقة و أشخاص السلطة في الجزائر كما و يجب أن يفهم هؤلاء – ولا أظنه يغيب عن عقولهم – أنّ الإستمرار في ممارسات الأنظمة المنغلقة على دوائر السلطة و عدم منح الكلمة للشعب سيدفع إلى مزيد من المساومات و التي لن تزيد سوى إغراق الوضع الجزائري .

- التحرّك سريعا إلى بعث دبلوماسية الإستقطاب الإفريقي عن طريق عقد اتفاقيات تعاون ثنائية و محاولة  جذب الإستثمارات الإفريقية لتعزيز التعاون المشترك .

- عدم التغاضي على قضايا الجوار و منح الأفضلية للدول الأخرى و على رأسها المغرب كما حدث مع ليبيا حيث أنّ الطرف الجزائري و فجأة سحب يده من الملف الليبي و تغيّرت مجالس المفاوضات نحو تونس و المغرب .

- زيادة حجم الإستثمارات الخارجية خاصة في الدول الإفريقية الفقيرة لزيادة الضغط عليها عن طريق النفوذ الإقتصادي .

- زيادة حشد الجبهات الخارجية ذات التأثير البالغ على المجموعة الدولية .

         


 


ليست هناك تعليقات